الإنفاق التعليمي والعائد المجتمعي- هل المال يصنع التعليم؟

المؤلف: عيسى الحليان08.09.2025
الإنفاق التعليمي والعائد المجتمعي- هل المال يصنع التعليم؟

لطالما تباهينا بإنفاقنا الضخم على التعليم، والذي يبلغ 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزين المعدل العالمي البالغ 4.4% (والمتجه نحو 5.1% في أمريكا الشمالية). هذا الإنفاق يشكل ما يقارب ربع الميزانية، ورغم توقع انخفاض هذه النسبة بعد إدراج مخصصات الدفاع والأمن، يبقى السؤال قائماً: هل يوجد ترابط حقيقي بين هذا الإنفاق الهائل والعائد المتحقق منه؟

قبل أيام، اطلعت على خبر يفيد بصدور قرار من وزير التعليم يؤكد على تفعيل ضوابط جديدة للانتدابات والعمل خارج الدوام، وتنظيم ورش العمل والاجتماعات. هذا التوجه محمود ويهدف إلى ترشيد الإنفاق، على الرغم من أننا قد نخطئ أحياناً في تحديد مواطن الإسراف الحقيقية. ففي ظل إنفاقنا التعليمي الذي يتعدى حاجز الـ 200 مليار، وتجاوز مخصصات الجامعات وحدها 57 ملياراً في آخر ميزانية نُشرت فيها تفاصيل مخصصات الجامعات عام 2015 (ولم تنشر في ميزانيتي 2016/2017)، وتكلفة الطالب الجامعي التي تزيد عن 300 ألف ريال وفقاً لدراسة أكاديمية، فإننا نتساءل عن مدى جدوى هذا الإنفاق بالنظر إلى نتائجه المتواضعة. فالعائد على الفرد لا يتجاوز 21% وعلى المجتمع 10.6%، وفقاً لنتائج هذه الدراسة. هذه النسب المتدنية تؤكد حقيقة أن المال وحده لا يصنع التعليم، وأن التعليم لا يقتصر على المال. وبما أن العائد على التعليم هو المعيار الحقيقي لقياس كفاءة هذا الإنفاق، ألا يجدر بنا ترشيده من خلال تعظيم العائد المتحقق منه؟ هذا التعظيم يمثل خطوة معاكسة لزيادة النفقات، حيث يتم ذلك من خلال تعزيز الموارد المعرفية ورفع العائد على الفرد والمجتمع، وهو ما يفوق في قيمته الاستثمارية المستردة كل المبالغ الزهيدة التي نسعى لتوفيرها من الانتدابات أو العمل خارج الدوام أو ما شابه ذلك؟

ألا يجب على الوزارة، في ظل غياب الاعتماد الأكاديمي الشامل، أن تسعى إلى إيجاد مؤشرات ارتباط بين الإنفاق على كل جامعة والعائد المتحقق منها؟ يهدف ذلك إلى تقييم تأثير هذا الإنفاق ورفع مستوى التعليم الجامعي وخلق منافسة تعليمية بنّاءة بين الجامعات المختلفة. إننا بحاجة ماسة إلى استراتيجيات ذكية لضمان أن استثمارنا الضخم في التعليم يحقق أقصى فائدة ممكنة لأجيالنا ومستقبلنا.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة